فصل: حكم الحبس:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.حكم الحبس:

الحبس أو السجن جائز عند الحاجة والضرورة؛ لحفظ حقوق الناس، وحمايتهم من المجرمين، وحفظ الجناة المنتهكين للمحارم، ومنعهم من الإضرار بالناس.
ولا يجوز للإمام أن يحبس أحداً إلا بحق، وإذا حبسه بحق وجب عليه المسارعة بالنظر في أمره:
فإن كان مذنباً أُخذ بذنبه، وإن كان بريئاً أُطلق سراحه، ويحرم ضرب المتهم إلا إذا قامت القرائن على فجوره، فيُضرب ليقر بما فعل.

.أنواع الحبس:

الحبس نوعان:
حبس عقوبة.. وحبس استظهار.
فالعقوبة تكون في كل واجب من الحقوق مَنَعه.
والاستظهار ليستكشف به عما وراءه.
وينبغي أن يكون السجن واسعاً، وأن يعطى كل واحد من المساجين كفايته من الطعام واللباس، ويحرم إذلال السجين وإهانته بقول أو فعل؛ لما فيه من إهدار كرامته.
ومنع السجين ما يحتاج إليه من الطعام واللباس ونحوها من الحقوق جَور يعاقِب الله عليه مَنْ فَعَله حتى ولو كان حيواناً.
1- عَنْ عَبْدالله بنِ عُمَر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «عُذّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرّةٍ سَجَنَتْهَا حَتّىَ مَاتَتْ فَدَخَلَتْ فِيهَا النّارَ، لاَ هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا، إذْ حَبَسَتْهَا، وَلاَ هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الاَْرْضِ». متفق عليه.
2- وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: مَرَّ هِشَام بْن حَكِيم بْنِ حِزَام بِالشَّامِ عَلَى أُنَاسٍ، وَقَدْ أُقِيمُوا فِي الشَّمْسِ، وَصُبَّ عَلَى رُءُوسِهِمُ الزَّيْتُ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قِيلَ: يُعَذَّبُونَ فِي الخَرَاجِ، فَقَالَ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ فِي الدُّنْيَا». أخرجه مسلم.

.حكم حبس المدين:

إذا ثبت الدين على أحد فله ثلاث حالات:
1- أن يكون المدين معسراً أو معدماً لا مال له.
فهذا لا يحكم القاضي بحبسه؛ لأن حبسه ظلم لا فائدة منه، وإنما يُترك ليسعى في الأرض ويكتسب؛ ليتمكن من سداد الدين أو بعضه.
قال الله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [280]} [البقرة: 280].
2- أن يكون مشكوكاً في أمر المدين، هل هو موسر أم معسر.
فهذا يحبسه القاضي لاختباره، بطلب غرمائه، ويفرج عنه إذا تبين عسره، أو سدد ما عليه.
3- إذا ثبت يسار المدين، وامتنع عن وفاء الدين أو تأخر.
فهذا يأمره القاضي بأداء الدين أو الحق المستحق عليه لصاحبه، فإن أعطاه صاحبه خلى سبيله، وإن امتنع جاز حبسه مدة بحسب المصلحة حتى يسدد ما عليه؛ لأنه مماطل.
وإذا لم يفلح الحبس في دفعه إلى الوفاء بدينه حَجَر عليه القاضي، ويباع ماله جبراً، ثم يُقسم بين غرمائه.
عَنْ الشَّرِيدِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ أَبيهِ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَيُّ الوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ». أخرجه أبو داود والنسائي.

.7- طرق إثبات الدعوى:

تثبت الدعوى بواحد مما يلي:
الإقرار – الشهادة – اليمين.

.1- الإقرار:

الإقرار: هو إظهار مكلف مختار ما وجب عليه.
والإقرار سيد الأدلة، ويسمى بالشهادة على النفس.
وهو حجة مطلقة؛ لأن الإنسان غير متهم بالإقرار على نفسه كاذباً، وهو من أقوى الأدلة لإثبات دعوى المدعي عليه.

.حكم الإقرار:

الإقرار هو الاعتراف بالحق، والحكم به واجب، إذا كان المقر مكلفاً مختاراً.
والإقرار حجة قاصرة لا تتعدى غير المقر، فلو أقر على غيره لم يُقبل، بخلاف البينة فإنها حجة متعدية إلى الغير، والإقرار لا يلزم إلا من أقر، ويحكم به القاضي في الدماء، والحدود، والأموال، والحقوق.
1- قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا [135]} [النساء: 135].
2- وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَجُلاً مِنْ أسْلَمَ أتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي المَسْجِدِ فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ زَنَى، فَأعْرَضَ عَنْهُ، فَتَنَحَّى لِشِقِّهِ الَّذِي أعْرَضَ، فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أرْبَعَ شَهَادَاتٍ، فَدَعَاهُ فَقَالَ: «هَل بِكَ جُنُونٌ؟ هَل أحْصَنْتَ». قال: نَعَمْ، فَأمَرَ بِهِ أنْ يُرْجَمَ بِالمُصَلَّى، فَلَمَّا أذْلَقَتْهُ الحِجَارَةُ جَمَزَ حَتَّى أُدْرِكَ بِالحَرَّةِ فَقُتِلَ. متفق عليه.

.شروط صحة الإقرار:

يصح الإقرار من كل بالغ، عاقل، مختار، جائز التصرف.
فلا يصح إقرار الصغير، والمجنون، والمكره، والمحجور عليه، ولا يصح الإقرار بما يحيله العقل أو العادة؛ لأنه كذب، ولا يحل الحكم بالكذب.

.أحوال الإقرار:

إقرار الإنسان على نفسه له حالتان:
1- إقرار واجب: وهو إذا كان في ذمة الإنسان حق لله كالزكاة ونحوها، أو حق لآدمي كالدَّين ونحوه.
2- إقرار جائز: وهو إذا كان على المكلف حد من حدود الله تعالى كالزنا والسرقة ونحوهما، والستر على نفسه والتوبة من ذلك أولى.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنّهُ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي المَسْجِدِ، فَنَادَاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله إنّي زَنَيْتُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَتَنَحّىَ تِلقَاءَ وَجْهِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ الله إنّي زَنَيْتُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتّى ثَنَى ذَلِكَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ مَرّاتٍ، فَلَمّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ، دَعَاهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ: «أَبِكَ جُنُونٌ؟» قَالَ: لاَ. قَالَ: «هَل أَحْصَنْتَ؟» قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ». متفق عليه.

.حكم الرجوع عن الإقرار:

إذا صح الإقرار وثبت:
فإن كان متعلقاً بحق من حقوق الآدميين فلا يجوز الرجوع عنه، ولا يُقبل منه.
وإن كان متعلقاً بحق من حقوق الله كحد الزنا، أو الخمر، أو السرقة ونحوها، فإنه يجوز الرجوع عنه؛ لأن الحدود تُدرأ بالشبهات، وحقوق الله مبنية على التسامح والعفو.

.حكم الإقرار بالدين:

1- إذا أقر الإنسان لأحد ورثته بدين، فإن كان في مرض موته فلا يصح الإقرار إلا إذا صدَّقه باقي الورثة؛ لاحتمال حرمان باقي الورثة، وإن كان الإقرار في حال الصحة جاز.
2- إذا أقر الإنسان في مرض موته لأجنبي فإقراره صحيح، سواء أقر بدين أو عين.

.2- الشهادة:

الشهادة: هي الإخبار بما علمه الإنسان بلفظ أشهد، أو رأيت، أو سمعت ونحو ذلك.

.حكم الشهادة:

الشهادة مشروعة لإثبات الحقوق وحفظها.
وتحمُّلها وأداؤها عبادة يؤجر عليها الشاهد؛ لما يضمنه من بيان الحق، وحفظ الحقوق.
1- قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا [135]} [النساء: 135].
2- وقال الله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [2]} [الطلاق: 2].
3- وَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشّهَدَاءِ؛ الّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا». أخرجه مسلم.

.شروط من تُقبل شهادته:

يشترط فيمن تُقبل شهادته ما يلي:
1- أن يكون بالغاً عاقلاً، فلا تقبل شهادة الصبيان إلا فيما بينهم.
2- الكلام، فلا تقبل شهادة الأخرس إلا إذا أداها بخطه.
3- الإسلام، فلا تجوز شهادة الكافر على المسلم إلا في الوصية أثناء السفر إذا لم يوجد مسلم.
4- الحفظ، فلا تقبل الشهادة من مغفل.
5- عدم التهمة، فلا تقبل شهادة من يجلب إلى المشهود له نفعاً، أو يدفع عنه ضرراً، أو يجلب تهمة من زوج، أو والد، أو ولد، أو شريك.
6- العدالة، والعدالة في كل زمان ومكان بحسبها، ويُعتبر لها شرطان:
1- الصلاح في الدين، وهو أداء الفرائض، واجتناب الكبائر.
2- المروءة، وهي فعل ما يجمِّله كالكرم وحسن الخلق ونحوهما، واجتناب ما يدنِّسه من الرذائل والشعوذة ونحوهما.
1- قال الله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282].
2- وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ} [المائدة: 106].
3- وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [4]} [النور: 4].
4- وقال الله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2].

.حكم أداء الشهادة:

1- تحمل الشهادة فرض كفاية إذا كانت في حقوق الآدميين، وأداؤها فرض عين على من تحمَّلها إن كانت في حقوق الآدميين، وخيف ضياع الحق بعدم أدائها، ولم يحصل بها ضرر للشهود.
1- قال الله تعالى: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [283]} [البقرة: 283].
2- وقال الله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [282]} [البقرة: 282].
3- وَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشّهَدَاءِ؛ الّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا». أخرجه مسلم.
2- أداء الشهادة مباح إذا كان في حق الله تعالى كالحدود من زنا، أو سرقة ونحوهما، وتركها أفضل وأولى؛ لاستحباب الستر على المسلم.
فإن كان الجاني مجاهراً بالفسق، معروفاً بالفساد، فأداؤها أفضل؛ لقطع دابر الفساد والمفسدين.
عَنْ عَبْدالله بْن عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ وَلا يُسْلِمُهُ ن وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ». متفق عليه.
3- لا يجوز لأحد أن يشهد على شيء إلا بعلم، والعلم يحصل بالرؤية، أو السماع، أو الاستفاضة وهي الشهرة كزواج أحد أو موته ونحو ذلك.
قال الله تعالى: {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [86]} [الزخرف: 86].

.أحوال البينة:

1- البينة هي الشهادة، وهي تارة تكون بشاهدين، وتارة بشهادة رجل وامرأتين، وتارة بثلاثة شهداء، وتارة بأربعة شهداء، وتارة بشاهد ويمين المدعي.
2- يشترط في الشهادة عدالة البينة، ويحكم القاضي بموجبها، وإن علم خلاف ما شهدت به لم يجز له الحكم بها، ومن جُهلت عدالته يُسأل عنه.
وإن جرح الخصمُ الشهود كُلِّف البينة، وأُنظر مدة حسب الحال، فإن لم يأت ببينة حكم عليه القاضي.
3- إذا جهل القاضي حال البينة طلب من المدعي تزكيتهم بشاهدين عدلين.

.حكم قبول الشهادة على الشهادة:

تقبل الشهادة على الشهادة في كل شيء إلا في الحدود؛ لأنها مبنية على الستر.
فإذا تعذرت شهادة الأصل بموت، أو مرض، أو غَيبة، قَبِل الحاكم والقاضي شهادة الفرع إذا أنابه بقوله: اشهد على شهادتي ونحوه.

.موانع الشهادة:

الموانع التي تمنع من قبول الشهادة هي:
1- قرابة الولادة: وهم الآباء وإن علوا، والأولاد وإن سفلوا.
فلا تقبل شهادة بعضهم لبعض؛ للتهمة بقوة القرابة، وتُقبل عليهم، وأما بقية القرابة كالإخوة والأعمام ونحوهم فتقبل لهم وعليهم.
2- الزوجية: فلا تقبل شهادة أحد الزوجين للآخر؛ للتهمة، وتُقبل عليه.
3- من يجر إلى نفسه نفعاً كشهادته لشريكه، أو رفيقه ونحوهما.
4- من يدفع عن نفسه ضرراً بتلك الشهادة.
5- العداوة الدنيوية، فلا تقبل شهادته على من يضمر له عداوة وبغضاء؛ لوجود العداوة والتهمة.
6- من شهد عند القاضي ثم ردت شهادته لخيانة ونحوها.
7- العصبية، فلا تقبل شهادة من عُرف بالعصبية على غيره؛ للتهمة.
8- المملوك والخادم، فلا تقبل شهادة المملوك لسيده، ولا الخادم لمن استخدمه؛ لوجود التهمة.

.أقسام الشهود:

ينقسم الشهود بالنسبة للمشهود به إلى قسمين:
الأول: الشهادة في حقوق الله تعالى، وهي ثلاثة أقسام:
1- ما لا يُقبل فيه أقل من أربعة شهود عدول من الرجال، وهو الزنا.
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [4]} [النور: 4].
2- ما يُقبل فيه اثنان من الرجال العدول، وهو كل ما سوى الزنا من الحدود.
3- ما يُقبل فيه شاهد واحد، وهو هلال دخول رمضان أو غيره.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: تَرَاءَى النَّاسُ الهِلاَلَ فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَهُ، وَأَمَرَ النَّاسَ بصِيَامِهِ. أخرجه أبو داود.
الثاني: الشهادة في حقوق الآدميين، وهي أربعة أقسام:
1- إذا ادعى من عُرف بالغنى أنه فقير ليأخذ من الزكاة.
فهذا لابد أن يأتي بثلاثة رجال عدول يشهدون بِصِدقه ليعطى.
عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الهِلالِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: تَحَمَّلتُ حَمَالَةً، فَأتَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أسْألُهُ فِيهَا، فَقَالَ: «أقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ، فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا». قال: ثُمَّ قال: «يَا قَبِيصَةُ! إِنَّ المَسْألَةَ لا تَحِلُّ إِلا لأَحَدِ ثَلاثَةٍ: رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ المَسْألَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ، وَرَجُلٌ أصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحَلَّتْ لَهُ المَسْألَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ-أوْ قال سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ-. وَرَجُلٌ أصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلاثَةٌ مِنْ ذَوِي الحِجَا مِنْ قَوْمِهِ: لَقَدْ أصَابَتْ فُلانًا فَاقَةٌ فَحَلَّتْ لَهُ المَسْألَةُ، حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ-أوْ قال سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ- فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ المَسْألَةِ، يَا قَبِيصَةُ! سُحْتًا يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا». أخرجه مسلم.
2- ما لا يُقبل فيه إلا شهادة رجلين عدلين، وهو كل ما لا يُقصد منه المال، ويطلع عليه الرجال غالباً، كالقصاص والتعزير ونحوهما.
3- ما يقبل فيه شهادة رجلين عدلين، أو رجل وامرأتان، أو شاهد ويمين المدعي، وهو كل ما كان القصد منه المال كالبيع، والإجارة، والرهن ونحو ذلك، والحقوق كالنكاح، والطلاق، والرجعة ونحو ذلك من كل ما سوى القصاص والحدود.
ويقبل في الأموال خاصة رجل ويمين المدعي إذا تعذر إتمام الشهود.
1- قال الله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282].
2- وقال الله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} [الطلاق: 2].
3- وَعَنِ الأشْعَثِ بْنِ قَيسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِي بِئْرٍ، فَاخْتَصَمْنَا إلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «شَاهِدَاكَ أوْ يَمِينُهُ». متفق عليه.
4- وَعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَضَى بِيَمِينٍ وَشَاهِدٍ. أخرجه مسلم.
4- ما يقبل فيه شهادة رجلين عدلين، أو رجل وامرأتان، أو أربع نسوة، ويجوز مع اليمين من رجل عدل أو امرأة عدل، وهو كل ما لا يطلع عليه الرجال غالباً كالحيض، والرضاع، والولادة ونحو ذلك.